نعم سأكتب لك مجددا .. رغم أنك لا ترد علي يا صديقي .. لكني اشتقت إليك .. هل تذكر أيام دراستنا . لم نفترق يوما ... كنت تحرص على معرفة أحوالي يا صديقي . كنت تسأل علي كثيرا . أخباري يجب أن تكون عندك دائما .. أولا بأول .. أذكر أن في أحد الأيام تتبعتني حتى تعرف إلى أين أذهب .. كنت في ضائقة و كانت حالتي سيئة للغاية هل تذكر ؟ .. نعم تسللت خلفي لتبحث عن مكاني . تكتنف تصرفاتك بعد السذاجة ( أسف فهذا ليس ذم و لكنها من صفاتك المحببة إلي يا صديقي ) . كنت كطفل صغير يراقب و ليس كشاب في مقتبل العمر . كشفت مراقبتك و لكن لم أبين لك . كتمت سرك أو إن أردت الصدق سري أنا يا صديقي ...
" أنا مظلوم بين الناس .. ليس لدي الكثير لأفعله .. لا مواهب .. لا ترفيه .. أغلال الخناق تعتصرني . حتى الدراسة غير موفق فيها "
تلك كانت عبارتك دائما عندما تنهار يا صديقي . كنت أواسيك في حينها . لكن اليوم لا ... لن أواسيك بل سأصارحك بالحقيقة . لديك مواهب يا صديقي .. مواهب عظيمة . طيبتك تصافح من يقابلك . بساطتك في الكلام بتلك التلقائية الحانية . إذا كانت النوايا الحسنة يا صديقي مقياسا للرقي لكنت من أرقى أهل الأرض في وقتنا الحالي . صدقني أنا لا أمتدحك لغرضٍ ما لكن تلك حقيقة أوضح من بدر ليلة معتمة . هل تعرف هناك صفة كثيرا ما حسدتك عليها . عدم كذبك يا صديقي . فعندما يريد لسانك الكذب أراك تجعله يرتجف ... تجعل فمك معقله فيصمت كثيرا و ينطق صدقا . نعم مُروِدٌ بارعٌ أنت .
سامحني على حسدي و غيرتي منك يا صديقي
" أنت مصدري ثقتي دائما . أحب أن أستشيرك في أموري الخاصة "
هل تعرف ما حالي الآن و أنا أتذكر جملتك تلك . أسخر من نفسي . نعم صدق ذلك . فقد كان ردي عليها حين ذلك ابتسامة واثقة . يصلك منها أن ذلك تصرف طبيعي أن أكون مصدر ثقتك . هل تعرف ؟ كنت أكاد أنفجر من داخلي فرحا و أصرخ بأعلى صوتي سعادة بذلك .
و لكنه ربما لنقص في نفسي يا صديقي لا أشعرك بمدى أهميتك عندي .
و هل الآن أعترف بذلك . هل سيغير ذلك في الأمر شيئا ؟!
" أنا لا أصلح لمثل هذه الحياة . حياة الذئاب "
تلك كانت قاتلتي . كنت تطعني بها , فلقد كنت أعلم رقي أخلاقك عن التعامل بأخلاق غابة البشر ! غابة أصبحت الذئاب أسيادها و ليست الأسود . فلم يصبح لهم مكانا بأخلاقهم في سيادة الغابة .
صديقي لم أقو على مساعدتك في تلك . مصدر ثقتك يخذلك بل ربما يزيد من نصب شراك الغابة
سامحني يا صديقي . أرجوك سامحني .
ملحوظة لا تنزعج من بعض آثار المياه فدموعي غالبتني رغم عندي . لكن لا تقلق . بمجرد أن ترد عليها ستعود لي ابتسامتي
ملحوظة أخيرة هامة : أرجوك لا تخذلني يا صديقي
__________________________
" أحرقها أو أحتفظ بها لنفسك "
كان ذلك هو رد الموظف المختص بالرسائل في الإدارة علي - أنا ساعي بريد هذه المنطقة - حينما سألته عما أفعل بهذه الخطابات التي تُرسل من نفس الشخص .
فالقصة معه طويلة و المفاوضات تتعدى حاجز العامان . أرسلنا إليه كثيرا لننبهه أن بهذه الطريقة الرسائل لن تصل أبدا . لكنه دائما لا يرد و إن رد استنكر ما نفعله .
لذلك طلب مني الموظف ذلك . بكل عصبيته أمرني و حينما سألته على السبب كان رده عنيفا و عجيبا
أن هذه الرسائل دائما و منذ أكثر من ثلاثة سنوات ترسل ل " لا أحد " !
فقد كانت ترسل بلا عنوان ...
__________________